لما نزل النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- بالمدينة مهاجراً كان بها وبضواحيها مع الأوس والخزرج- رضي الله عنهم- اليهود، فأقرهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وكتب بينه وبينهم عهداً، وكانت الكتب تدور بينه وبينهم في الشؤون والمصالح من الطرفين. فكانوا يكاتبونه بالخط العبراني، كانت لغتهم العربية، ولكنهم كانوا يكتبون بالخط العبري، فأمر النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- كاتبه زيد بن ثابت- رضي الله عنه- أن يتعلم الخط العبري ليكتب له إليهم ويقرأ له ما يرد عليه منهم فيكون على يقين من كلامهم إليه وبلوغ كلامه إليهم، وما كان ليحصل له هذا اليقين- وهم ليسوا بمحل الثقة- لو تولى ذلك واحد منهم فقد لا يكتب عنه كل ما يقوله لهم وقد لا يقول له كل ما كتبوه إليه، فتعاطى زيد تعلم الخط العبراني، فما مضى عليه نصف شهر حتى حذقه وتولى الكتابة عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- والقراءة له.