والغفلة لما أقنعتهم بأن قيمة الرجل بقيمة أمته- يقصون علي من الوقائع التي وقعت لهم هم أنفسهم ما يثبت تلك الحقيقة ويؤيدنها. قلت لأولئك الأخوان- وقد اندهشت مما لم أكن أحسبه يقع-: لا تلوموا من عاملكم بما تقتضيه نظرة اجتماعية عامة، ولكن لوموا أنفسكم إن جهلتم هذه الحقيقة، وأنتم أبناء دين قررها من أول أيامه في مثل الحديث الشريف الذي افتنحنا به هذا المقال. واليوم- وقد تجلت لكم الحقيقة علميا وعمليا- عليكم أن تلتفتوا إلى أمتكم فتنشلوها مما هي فيه بما عندكم من علم وما اكتسبتم من خبرة محافظين لها على مقوماتها سائرين بها في موكب المدنية الحقة بين الأمم، وبهذا تخدمون أنفسكم وتخدمون الإنسانية بإنهاض أمة عظيمة تاريخية من أممها، ثم لا يمنع هذا من أخذ العلم عن كل أمة وبأي لسان واقتباس كل ما هو حسن مما عند غيرنا ومد اليد إلى كل من يريد التعاون على الخير والسعادة والسلام (١).
(١) ش: ج ٨، م ١١، ص ٤٤٣ - ٤٤٤ شعبان١٣٥٤ هـ- نوفمبر ١٩٣٥م.