وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً" وذلك لأن من الشعر ما فيه بيان عن عقيدة حق أو خلق كريم أو عمل صالح أو علم وتجربة. كشعر أمية ابن أبي الصلت الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: كاد أن يسلم، وككلمة لبيد - رضي الله عنه -:
"أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلٌ".
التي قال فيها - صلى الله عليه وسلم -: ((أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ)). فالحكمة- التي أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الناس إلى سبيل ربه بها- هي البيان الجامع الواضح للعقائد بأدلتها، والحقائق ببراهينها، والأخلاق الكريمة بمحاسنها، ومقابح أضدادها، والأعمال الصالحة- من أعمال القلب واللسان والجوارح- بمنافعها ومضار خلافها. وهكذا كان بيانه لهذه الأشياء كلها بما صحَّ من أحاديثه وجوامع كلمه، وهكذا هو بيان القرآن لها كلها حيثما كانت من آياته، فآياته القرآن وأحاديثه - صلى الله عليه وسلم - في بيان هذه الأشياء- البيان المذكور- هما الحكمة التي كان يدعو إلى سبيل ربه بها. وتلك الأشياء كلها أيضاً حكمة، وهي التي كان يعلمها كما في قوله تعالى:{وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}.
فصلى الله عليه وآله وسلم من داع إلى الحكمة بالحكمة ومعلم للحكمة بالحكمة.
[إهتداء واقتداء]
هدتنا الآية الكريمة إلى أسلوب الدعوة، وهو الحكمة، وتجلت هذه الحكمة في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. فعلينا أن نلتزمها جهدنا حيثما دعونا. ونقتدي بأساليب القرآن والسنة في دعوتنا فبها يحصل الفهم واليقين والفقه في الدين والرغبة في العمل