للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق تفاهمها، وطريق فهم ما يمكن لإنسان فهمه عنها. فلله هذه اللغة ما أعمق غورها وما أدق تعبيرها.

[نظر وإيمان]

قد شوهد بالعيان في أنواع من الحيوانات حسن تدبيرها لأمر معاشها ودقة سعيها في جلب منافعها ودفع مضارها، فمن الجائز أن يصل إدراكها بالفطرة إلى ما وراء ذلك من وجود خالقها ورازقها. وهذا هو الذي أخبرنا به القرآن في هذه الآيات من أمر النملة وأمر الهدهد الآتيين من بعد، فنحن به مؤمنون لجوازه عقلا وثبوته سمعا، مثل سائر السمعيات.

[تمييز]

قد شارك الحيوان الإنسان في الإدراك والتمييز وبلغ إدراكه إلى معرفة وجود خالقه ورازقه، ولكن الإنسان يمتاز عنه بقوة التحليل والتركيب لكل ما يصل إليه حسه وإدراكه، وتطبيق ذلك على كل ما تمتد إليه قدرته ويكون في متناول يده. فمن ذلك التركيب والتحليل والتطبيق تغلب على عناصر الطبيعة وتمكن من ناصيتها واستعمل حيوانها وجمادها في مصلحته ورقي أطوار التقدم في حياته. ولفقد الحيوان غير الإنسان هذه القوة بقي في طور واحد من حياته ومعيشته. فإدراك الحيوان فطري إلهامي يعطاه من أول الخلقة، والإنسان يعطى أصل الإدراك الإجمالي، ثم بتلك القوة يتسع أفق إدراكه ويستمر في درجات التقدم وهذه القوة التي يمتاز بها الإنسان هي العقل. وهي التي ساد بها هذا العالم الفاني.

[توجيه]

ذكر سليمان- عليه السلام- منطق الطير، وهو قد علم منطق غير الطير أيضا، فقد فهم نطق النملة، ذلك لأن الحيوانات غير

<<  <  ج: ص:  >  >>