للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان مراتب: الزاحفة، والماشية، والطائرة، وأشرفها الطائرة فاقتصر على الطير تنبيها بالأعلى على الأدنى.

[تنزيه وتبيين]

عبر سليمان- عليه السلام- عن نفسه بنون العظمة، ونوه بذلك الفضل المبين، وما كان عليه السلام- ليتعظم بسلطان- ولا ليتطاول بفضل. فالأنبياء- صلى الله عليهم- أشد الخلق تواضعا لله وأرحمهم بعباده، وإنما أراد تعظيم نعمة الله في عيون الناس، وتفخيم ملك النبوة في قلوب الرعية ليملأ نفوسهم بالجلال والهيبة، فيدعوهم ذلك إلى الإيمان والطاعة، فينتظم الملك، ويهنأ العيش، وتمتد بهم أسباب السعادة إلى خير الدنيا والآخرة. وهذا هو الذي توخاه سليمان- عليه السلام- من المصلحة بإظهار العظمة. ولذا لم يقل: علمت، ولا: لي، وعندي من كل شيء. ولم يقل: فضلي فهو فضل من علمه أتاه فضله به عمن سواه.

[ترغيب واقتداء]

يذكر الله تعالى لنا في شأن هذا النبي الكريم ما أعطاه من علم وما مكنه منه من عظيم الأشياء ترغيبا لنا في طلب العلم والسعي في تحصيل ما بنا حاجة إليه من أمور الدنيا، وتشويقا لنا إلى ما في هذا الكون من عوالم الجماد وعوالم الأحياء وبعثا لهممنا على التحلي بأسباب العظمة من العلم والقوة، وحثا لنا على تشييد الملك العظيم الفخم على سنن ملك النبوة. فقد كان سليمان- عليه السلام- نبيا وما كان ملكه ذلك إلا بإذن الله ورضاه، فهو فيما ذكره الله من أمره قدوة وأي قدوة مثل سائر الأنبياء والمرسلين. عليهم الصلاة والسلام أجمعين


(١) ش: ج٣، م١٥، ص ١٠٥ - ١٠٩ غرة ربيع الأول ١٣٥٨ - أفريل ١٩٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>