للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التسامح الإسلامي- ٢]

صلاة وصلاة

ــ

إن الإسلام الذي قرر التسامح مع أهل الملل أصلا من أصوله يجد فيما يتلوه المسلمون من آياته ودعواته وأذكاره ما يقوي تمسكهم بذلك الأصل ويرسخه فيهم. ونحن نذكر هنا على سبيل المثال دعاء القنوت الذي يدعو به قسم عظيم من المسلمين في صلاة الصبح وهو: ((اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونخنع لك ونخلع، ونترك من يكفرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد، إن عذابك بالكافرين ملحق)) ويزيد قسم عظيم منهم قوله: ((اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، فلك الحمد على ما أعطيت، نستغفرك ونتوب إليك)).

أرأيت هذا التوحيد لله والإخبات والتعظيم له والاعتزاز والاعتماد عليه؟ فلما تعرض الدعاء للكافرين لم يزد على تركهم في قوله: ((ونترك من يكفرك)) فالمسلم يتمسك بدينه ويترك غير أهل دينه ودينهم وهذا من باب قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} ولما ذكر عذابهم في قوله: ((إن عذابك بالكافرين ملحق)).

جعله الله فهو الذي يعذب من كفر به من عباده فلم يرج رحمته ولم يخف عذابه. وهذا من باب قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}. فالمسلم بهذه التغذية الشريفة الطيبة لا يكون إلا نقي القلب من

<<  <  ج: ص:  >  >>