الحقد الديني واسع الصدر عظيم التسامح. وإذا رأيت ما يدعو به المسلم ربه في صلاته وعلمت ما يتركه ذلك الدعاء في نفس المسلم وما يربيه عليه فانظر إلى ما ينشره رجال الكنيسة بين أتباعهم من الصلوات اليومية وما تشتمل عليه من آثارة للحقد الديني وتقوية له ودعوة صريحة إليه، ففي الصلاة اليومية التي نقلناها في العدد الماضي عن (الصدى الكنسي لقسنطينة وبونة) يقول: "وأقدم إليك صلواتي بصفة أخص، من أجل اتحاد كل الكاثوليك ومن أجل محاربة الإسلام".
بهذا تغذي الكنيسة مؤمنيها وهم في وسط إسلامي لا تمكن سعادته وهناؤه إلا بتعاون سكانه فيه بروح التسامح والتواد، وتملأ صدورهم بهذا التعصب الممقوت ضد قوم مسالمين ومستضعفين. فلا يدري إلا الله كم أثمرت هذه التغذية الخبيثة من علقم كان وزر من جرعه ومن تجرعه على من بثوه في النفوس ومكنوه من القلوب.
حاشا الأصول الأولى لتلك الملة أن تأمر بهذا فقد عرفوا ما جاء في "متى"(٥: ٤٤)"وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم، باركوا لأعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم" ولكن الرؤساء الذين يريدون المحافظة على مصالحهم ويرون أن محبة أتباعهم لهم تكون بقدر بغضهم للإسلام، هم الذين يتحملون مسؤولية هذا ويبوءون بإثمه.
نكتب هذا ليطلع قراؤنا على حقائق واقعية تتصل بالحياة الاجتماعية بينهم وبين من يساكنونهم في وطنهم. وليعلم إخواننا المسلمون عظيم نعمة الله عليهم بما شرعه لهم من أصل التسامح العظيم فيزدادوا به تمسكا فيعيشوا سالمي الصدور من داء الحقد الديني والتعصب الممقوت وليعرف الذين يبثون تلك السموم أن أعمالهم لا تخفى على غيرهم فعسى أن يقلعوا عنها ويرجعوا للعمل معنا على بث التسامح بين عباد الله.