يولد المرء من أبوين مسلمين فيعد مسلماً، فيشب ويكتهل ويشيخ وهو يعد من المسلمين. تجري على لسانه وقلبه كلمات الإسلام. وتباشر أعضاؤه عبادات وأعمال إسلامية، فراق روحه أهون عليه من فراق الإسلام، لو نسبته لغير الإسلام لرأيت منه لثار (١) عليك أو بطش بك. ولكنه لم يتعلم يوما شيئا من الإسلام ولا عرف شيئا من أصوله في العقائد والأخلاق والآداب والأعمال، ولم يتلق شيئا من معاني القرآن العظيم ولا أحاديث النبي الكريم، -صلى الله عليه وآله وسلم-. فهذا مسلم إسلاما وراثيا لأنه أخذ الإسلام كما وجده من أهله، ولا بد أن يكون- بحكم الوراثة- قد أخذه بكل ما فيه مما أدخل عليه وليس منه من عقائد باطلة وأعمال ضارة وعادات قبيحة. فذلك كله عنده هو الإسلام، ومن لم يوافقه على ذلك كله فليس عنده من المسلمين.
هذا الإسلام الوراثي هو الإسلام التقليدي الذي يؤخذ بدون نظر ولا تفكير وإنما يتبع فيه الأبناء ما وجدوا عليه الآباء. ومحبة أهله للإسلام إنما هي محبة عاطفية بحكم الشعور والوجدان.
هذا الإسلام الوراثي هو إسلام معظم عوام الأمم الإسلامية، ولهذا تراها مع ما أدخلت على الإسلام من بدع اعتقادية وعملية، ومع ما أهملت من أخلاق الإسلام وآدابه وأحكامه، متمسكة به غاية التمسك