للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم - لأنه جاء بكتاب، وهم أهل الكتاب، واحتجاج عليهم بأن الإيمان بالكتاب الذي عندهم يقتضي الإيمان بالكتاب الذي جاء به لأنه من جنسه.

[أدب واقتداء]

هذا هو أدب الإسلام في دعوة غير أهله ليعلمنا كيف ينبغي أن نختار عند الدعوة لأحدٍ أحسن ما يدعى به وكيف ننتقي ما يناسب ما نريد دعوته إليه، فدعاء الشخص بما يحب مما يلفته إليك ويفتح لك سمعه وقلبه، ودعاؤه بما يكره يكون حائل يبعد بينك وبينه. وإذا كان هذا الأدب عاماً في كل تداع وتخاطب فأحق الناس بمراعاته هم الدُّعاة إلى الله والمبينون لدينه، سواء دعوا المسلمين أو غير المسلمين.

[بيانه لهم، حجته عليهم]

كانت كتبهم مقصورة على أحبارهم ورهبانهم مخفية عندهم لا تصل إليها أيدي عامتهم، فكانوا لا يظهرون منها إلا ما يشاؤون، ولا تعرف عامتهم منها إلا ما أظهروا، فجاءهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أمي من أمة أميَّة، يبين لهم بما أنزله الله عليه وأوحى إليه من آيات الله وحججه وأحكامه وكلمات رسله فيما عندهم مما هو حجة عليهم مقداراً كثيراً، ويتجاوز عن كثير مما عندهم من ذكر قبائح أسلافهم وذمهم، وما لقي رسل الله- عليهم الصلاة والسلام- من عنتهم وشرهم وأذاهم. فكان هذا البيان العليم وهذا الخلق الكريم من هذا النبي الأمي كافياً أن يعرفهم بنبوته وصدق دعوته ونهوض حجته، ولهذا ذكر الله هذا البيان وهذا التجاوز في أول صفاته لما أخبرهم بمجيئه إليهم بقوله: {يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>