للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خلوا بيني وبين ناقتي]

كان الأعراب يجيئون للنبي- صلى الله عيه وآله وسلم- يسألونه ويستجدونه في غلظة وجفوة من القول فكان يعطيهم ويتجاوز عن جفائهم ويعذرهم ببداوتهم. فجاءه أعرابي يطلب منه شيئاً فأعطاه إياه ثم قال له النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- «أأحسنت إليك؟» ليعرف ما عنده من الاعتراف بالإحسان أو ليعرف اكتفاءه بما أعطاه فقال له الأعرابي: (لا ولا أجملت) أي ما أتيت لا بحسن ولا بجميل. فغضب المسلمون وقاموا إليه ليوقعوا به جزاء سوء أدبه فأشار إليهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أن كفوا ثم قام النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ودخل منزله وأرسل إلى الأعرابي وزاده شيئا ثم قال له: «أأحسنت إليك؟» فقال الأعرابي: "نعم. فجازاك الله به من أهل وعشيرة خيراً". هكذا توسل النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- إلى تأديبه واستخراج الاعتراف بالجميل منه ليتربى عليه وحمله على النطق بالكلام الطيب بزيادة الإحسان إليه. فاعترف بالإحسان ودعا الله بالجزاء للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- بسبب إحسانه وشعر بأن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- كان له أهلا وعشيرة وهذه كلها معارف وآداب وشعور طيب جاء بها هذا الأعرابي الجافي بسبب تربيته بزيادة الإحسان إليه. وأراد النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أن لا يتركه يرى بين الصحابة- رضي الله عنهم- بالعين التي كانوا يرونه بها لجفائه وسوء أدبه وأن لا يترك في قلوبهم شيئاً عليه، فقال له: «إنك قلت ما قلت وفي أنفس أصحابي شيء فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في

<<  <  ج: ص:  >  >>