الوجه الثاني: أن المجتهد يعتمد في الأخذ بالأدلة الظنية لما له من العلم بالأدلة الشرعية الدالة على اعتبارها.
الوجه الثالث: أن تلك الأدلة بمفردها تفيد الظن القوي الذي يكون جزماً ويسمى- كما تقدم علماً. فما اتبع المجتهد إلاَّ العلم.
الفرع الرابع: لا نعتمد في إثبات العقائد والأحكام على ما ينسب للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم - من الحديث الضعيف لأنه ليس لنا به علم، فإذا كان الحكم ثابتاً بالحديث الصحيح مثل قيام الليل ثم وجدنا حديثاً في فضل قيام الليل بذكر ثواب عليه مما يرغب فيه جاز عند الأكثر أن نذكره مع التنبيه على ضعفه الذي لم يكن شديداً على وجه الترغيب. ولو لم يكن الحكم قد ثبت لما جاز الإلتفات إليه وهذا هو معنى قولهم:"الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال" أي في ذكر فضائلها المرغبة فيها في أصل ثبوتها.
فما لم يثبت بالدليل الصحيح في نفسه لا يثبت بما جاء من الحديث الضعيف في ذكر فضائله باتفاق من أهل العلم أجمعين.
الفرع الخامس: أحوال ما بعد الموت كلها من الغيب فلا نقول فيها إلا ما كان لنا به علم بماء جاء في القرآن العظيم أو ثبت في الحديث الصحيح. وقد كثرت في تفاصيلها الأخبار من الروايات مما ليس بثابت، فلا يجوز الإلتفات إلى شيء من ذلك. ومثل هذا كل ما كان من عالم الغيب مثل الملائكة والجن والعرش والكرسي واللوح والقلم وأشراط الساعة وما لم يصل إليه علم البشر.