الصالحة- وهي المستقيمة النافعة المبينية على ذلك الإيمان- هما اللذان جعلهما الله سبباً في تحقيق جعل هذا الود لما قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}.
فيعم ذلك كل أهل الإيمان والعمل الصالح. وهم أولياء الله و {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ}
[سبب الود وسبب الجعل]
تكسب مودة الناس بأسباب متعارفة بينهم، منها القرابة ومنها الصداقة، ومنها صنائع المعروف، ومآثر الإحسان. أما هذا الود الذي وعد الله به الذين آمنوا وعملوا الصالحات فسببه جعل من الله له في قلوب العباد لهم دون تودد منهم ولا توقف على تلك الأسباب فيودهم من لم يكن بينه وبينهم علاقة نسب أو صداقة ولا وصل إليه منهم معروف فهذا نوع من الود خاص يكرمهم الله به وينعم عليهم به الرحمن من جملة نعمه التي يحدثها ويجددها لهم زيادة على ما يقتضيه الإيمان والعمل الصالح- ومنه الإحسان- من مودة القلوب. أما سبب هذا الجعل والوضع والإيجاد من الله لهذا الود والإكرام به فهو الإيمان والعمل الصالح، وهما سبب لإكرامات كثيرة من الله تعالى. هذا الجعل للود منها.
[بشارة وتثبيت]
في الآية من سبب نزولها بشارة لدعاة الحق وأنصار السنة ومرشدي الأمم عندما يقومون بدعوة القرآن في عشائرهم ويلقون منهم النفور والإعراض والبغض والإنكار ويجدون أنفسهم غرباء بينهم، يعاديهم من كانوا أحبابهم ويقاطعهم أقرب الناس قرابة إليهم، ويصبح يؤذيهم