للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبه به، ولو كانت صورة البناء للتبرك مرادة بالنهي. لاستثناها الشرع فلما لم يستثنيها علمنا أن النهي على العموم، وذلك لأنها وإن لم تؤد إلى عبادة المخلوق في الحال فإنها في مظنة أن تودي إلى ذلك في المآل. وذرائع الفساد تسد لا سيما ذريعة الشرك ودعاء غير الله التي تهدم صروح التوحيد. وانظر إلى ما جاء في حديث ابن عباس في أصنام قوم نوح وكيف كان أصل وضعها وكيف كان مآلها، وتعال إلى الواقع المشاهد نتحاكم إليه فإننا نشاهد جماهير العوام يتوجهون لأصحاب القبور ويسألونهم وينذرون لهم ويتمسحون بتوابيتهم، وقد يطوفون بها ويحصل لهم من الخشوع والابتهال والتضرع ما لا يشاهد منهم إذا كانوا في بيوت الله التي لا مقابر فيها، فهذا هو الذي حذر منه الشرع قد أدت إليه كله وهبها لم تؤد إلى شيء منه أصلا فكفانا عموم النهي وصراحته والعاقل من نظر بإنصاف ولم يغتر بكل قول قيل.

[إيمان وامتثال]

علينا أن نصدق بهذا الحديث بقلوبنا فنعلم أن بناء المساجد على القبور من عمل شرار الخلق كما وصفهم النبي- صلى الله عليه وآله وسام- وأن تنطق بذلك ألسنتنا كما نطق به هذا الحديث الشربيف وأن نبني عليه أعمالنا فلا نبني مسجداً على قبور ولا نعين عليه، وأن ننكره كما ننكر سائر المنكرات حسب جهدنا، ومن أعظم الإنكار تبليغ هذا الحديث بنصه وتذكير الناس به والعمل على نشره حتى يصير معروفا عند عامة الناس وخاصتهم، إذ لا دواء للبدع الشيطانية إلا نشر السنة النبوية، ولا نستعظم انتشار هذه البدعة وكثرة ناصريها فإنها ما انتشرت وكثر أهلها إلا بالسكوت عن مثل هذا الحديث والجهل به. ولنكن في إرشادنا مقتصرين على إيراد لفط الحديث وشرحه

<<  <  ج: ص:  >  >>