كان سمت الشيخ وهندامه سمت العوام وهندامهم وعمامته من الأغباني في جبة بسيطة وقفطان قطن وزنار مزدوج يخبأ فيه بعض الدراهم وألبسته من صنع الوطن إلا النظارتين والطربوش ويختار من القمصان والسراويل ما خف ثمنه ليطرحه إذا اتسخ ولا يشغل ذهنه بغسله وكثيرا ما يلبس قميصين وسروالين وقفطانين وصدريتين وجبتين ليكون على أتم الاستعداد لما يطرأ على أحد الزوجين فيطرحه حالا ويستعيض عنه بأخيه دون انتظار شيء آخر ويقل استعماله للمناديل المتعارفة المعمولة من القطن فيعمد إلى اتخاذ مناديل من الورق الغليط يضم بعضه إلى بعض ويخيطه فيكون دفترا يلقي به الشيخ بعد أن يتسخ كله. وكان يطهر جسمه ولا ينظف ثيابه كثيرا. أصيب بهذه الخلة خصوصا بعد أن فقد والدته في صباه ولم يبق له من رحمه امرأة تتعهده أبدا بنظافة ثيابه والعناية بظواهره وأنى له هوان يسد مسد أمه في ذلك وفكره مشغول بمطالب عالية أخرى قد لا يتسع لمثل هذه الجزئيات في رأيه.
ورأيت في بعض تعليقاته في ترجمة عبد الله بن الخشاب وكأنه بنقله لها ترجم نفسه فقال بلسان الحال، وهذا رجل مثلي كان إلى الخمول قال:"كان وسخ الثياب ما تأهل ولا تسرى له معرفة بالحديث والمنطق والفلسفة والهندسة بل بكل فن، وكان يترك عمامته أشهرا ولا يغسلها ويلبسها كيف اتفق فإذا قيل له في ذلك يقول ما استوت العمة على رأس عاقل قط" وشيخنا رحمه الله كان من هذا الطراز. والعبقرية على ما يظهر تكمل من صاحبها ناحية واحدة وتنقص منه من الناحية الأخرى بقدرها. أراد الشيخ أحد أصحابه في القاهرة