خلال الحرب العامة على أن يغير جبته لأنها بليت بعض أطرافها فسكت الشيخ عن إجابته، فلما ألح عليه مرتين وثلاثا أجابه "يا فلان تريدني على اقتناء جبة جديدة وأهل الشام اليوم تموتون من الجوع".
وأضافه أحد أصدقائه في بيروت وأخذ ذات يوم ثيابه بدون استئذانه ليغسلها وعوضه عنها ثيابا جديدة فحنق الشيخ وما زال بمضيفه حتى أعاد إليه ثيابه الوسخة وذلك لئلا يشغل فكره في ثيابه ريثما تغسل وتنشف ولئلا يلبس ثيابا غير ثيابه. وغضب مرة على أحد أصحابه ومساكنيه في القاهرة لأنه افترص غيابه فنزع من غرفة الشيخ جميع الكتب والفراش المملوء بالبق وكنس الغرفة ونفض الغبار عن الكتب والأواني وغسلها ووضع سماً لقتل البق في السرير حتى لا يصل إلى الشيخ فيقرصه وأعاد كل شيء إلى مكانه فلما رأى الشيخ ذلك عرف ما دبر له ولم تطب نفسه بهذه التعزيلة وانحى على صاحبه باللوم والتقريع. ورأيته مراراً نتأ مسمار أو مسامير عن حذائه فكان يخصف من ورق الشجر يجعله في الحذاء لينقي ضغط المسمار على رجليه ولا تحدثه نفسه أن يذهب إلى الحذاء يصلح له حذاءه وإذا قلت له في ذلك أجابك أن الوقت لا يساعدني. وكان مداسه متسعاً في الشتاء يجرف من الأرض طيناً كثيراً يعلق بجبته فيصبح وجهها شكلا وقفاها شكلا آخر. ولطالما تبرم بزيارته أيام المطر بعض ربات البيوت مخافة أن يعلق طين جبته في المقعد الذي يقعد عليه. وكان إذا اشتد الحر استثقل الجوربين فنزعهما من رجليه وعوضهما أوراقاً هشة ملونة جعلها خفاً في نعله لتمتص العرق بزعمه. وأنت لا تملك نفسك من الضحك إذا رأيت رجليه وتستغرب من عظيم كهذا يهزأ بعادات مجتمعه إلى هذا الحد ولا يبالي النقد ولا الملام ولطالما قال أنا شاذ ولا أحب أن يقتدي بي أحد.
ومن عادة الشيخ أن يحمل في جيوبه وعبابه بعض الدفاتر والرسائل