للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النجاة من العطب بقليل من الأدب]

خرج الإمام ابن العربي في صغره إلى المشرق مع أبيه وكاد البحر يوما يغرقهم وكاد الجوع والبرد بعد خروجهم من البحر أن يهلكهم لولا أن الله تعالى بسبب طريف أنقذهم. وقد قص الإمام ذلك في كتابه: ((ترتيب الرحلة)) ونقله عنه المقري في ((نفح الطيب)) ونقلناه عنه فيما يلي لما فيه من عجيب لطف الله ونفع المعرفة على كل حال في جميع المواطن قال الإمام:

ــ

"وقد سبق في علم الله أن يعظم علينا البحر بزوله (١)، ويغرقنا في هوله، فخرجنا خروج الميت من القبور، وانتهينا بعد خطب طويل إلى بيوت بني كعب بن سليم. ونحن من السغب، على عطب، ومن العري، في أقبح زي، قد قذف زقاق زيت مزقت الحجارة منيئتها (٢)، ودسمت الأدهان وبرها وجلدتها. فاحتزمناها أزرا، واشتملناها ألفافا (٣) تمجنا الأنظار، وتخذلنا الأنصار. فعطف أميرهم علينا فأوينا إليه فآوانا، وأطعمنا الله على يديه وسقانا، وأكرم مثوانا وكسانا - بأمر حقير ضعيفه، وفن من العلم ظريف. وشرحه: أنا لما وقفنا على بابه ألفيناه يدير أعواد الشاه (٤) فعل السامد (٥) اللاه، فدنوت منه


(١) الزول: العجب.
(٢) المنيئة: الجلد أول ما يدبغ.
(٣) الفاف: ج لف بمعنى الحزب والطائفة.
(٤) الشطرنج.
(٥) الغافل الساهي.

<<  <  ج: ص:  >  >>