للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانكسار يعتري الإنسان عند خوف ما يذم به أو يلام عليه فيمنعه منه. فاستحيا هذا معناه امتنع من الذهاب كما ذهب صاحبه أو ترك المزاحمة في الحلقة. فاستحيا الله منه: ترك عقابه ولم يحرمه من ثواب. أعرض: التفت إلى جهة أخرى فذهب إليها. فأعرض الله عنه: حرمه من الثواب.

[البيان]

كان النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يجلس في المسجد النبوي لأصحابه ويجلسون إليه حلقة فيعلمهم القرآن، والحكمة، ويعظهم، ويرشدهم، فجاء هؤلاء الثلاثة من طرف المسجد والنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- في حلقته، فأقبل اثنان وذهب الثالث ودخل أحد الإثنين في الحلقة فسد فرجة وجلس الآخر خلف الحلقة فلما فرغ النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- من درسه أراد أن يعرف القوم بصنيع الثلاثة ليعلموا حكم عمل كل واحد منهم في الشرع، فبين لهم أن الأول نال الأجر والمدح بإقباله على مجلس العلم وسده الفرجة، وأن الثاني سلم من الذم ولم يكن له من الأجر للأول، وأن الثالث حرم من الأجر وتحمل الملامة.

[تحرير]

فسر الإعراض بالغضب والسخط، وفسرناه بالحرمان من الأجر مع الملامة، لأن ترك الإتيان ليس تركا لواجب حتى يستوجب صاحبه الغضب والسخط الذي من مقتضاه الإثم، بدليل أن النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يمنعه من الذهاب. ويؤيد تفسيرنا ما جاء عن أنس عند الحاكم ولفظه (فاستغنى فاستغنى الله عنه) وهذا ظاهر أن معناه لم يقبل على ما فيه أجر وثواب فلم يعط أجرا ولا ثوابا.

وفسر بعضهم استحياء الثاني بأنه لم يدخل للحلقة، وفسره آخرون

<<  <  ج: ص:  >  >>