للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبأ فشرح حاليها الدنيوية والدينية وتنقل من تشويق إلى تشويق أبلغ منه فكان متثبتا فيما أخبره. بارعا فيما صور مستدلا فيما قرر وفيما أنكر، بصيرا بكيد الشيطان للإنسان متفطنا لانبناء الضلالات بعضها على بعض خبيرا بترتيب الادلة وحسن الاستنتاج.

وفيما ذكر الله لنا من هذه العبر البالغة من هذا الحيوان الأعجم حث لنا على أن نسلك عندما نخبر ونبين أو نبحث وننظر ونستدل ونرتب ونعلل، أن نسلك هذا المسلك.

واذا كان الله تعالى قد بعث غرابا ليتعلم منه ابن آدم كيف يواري سوءة أخيه فكذلك ذكر لنا أمر هذا الهدهد الممتاز بين الهداهد لنقتدي به، تنبيها لنا على أخذ العلم من كل أحد والاستفادة من كل مخلوق والشعور دائما بالنقص للسلامة من شر ادواء الإنسان: العجب والكبر والغرور ... {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}.

[لمحة نفسية]

الظواهر دلائل البواطن فالمرء يعرف من سبحات وجهه وفلتات لسانه، وكثير ما تدل كلماته على مهنته أو فكرته وعقيدته، كما تدل هيبته أو لبسته وشمائله.

وما يباشره المرء تنطبع به نفسه ويصطبغ خياله فيجري على لسانه في تشبيهاته وتمثيلاته وفنون قوله فقد تختلف العبارات عن شيء واحد في وقت واحد باختلاف نفسيات المتكلمين عليه. وقد عرف الهدهد بين الطيور بثقوب البصر والاهتداء إلى الماء في جوف الأرض خصوصا هدهد سليمان الممتاز بين الهداهد فلما استدل ذكر من صنع الله ما هو أقرب اليه وأغلب عليه وهو اخراخ الخبء الذي منه الماء المخبوء في جوف الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>