للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه يمليها عليه في طرفي النهار في ظلام من الوقت وسكون من الناس. وقالوا في الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- أنه مفتر يستعين على افترائه بغيره، ويتظاهر باستقلاله وينسب لله ما هو حكايات الأوائل وأوضاعهم. فيكذب عليه- تعالى- لديهم.

رد الله عليهم كل ما قالوا فيهما بأنه ظلم وزور وأن ما يتلوه عليه هذا النبي الكريم من ذلك الكتاب الحكيم ليس مما يكون إلا من خالق المخلوقات العالم بأسرارها.

[أسلوب في البيان]

لقد جاؤوا الظلم والزور في قولهم الأول وقوله الثاني: {قُلْ} أمر بما يرد قولهم الأول وقولهم الثاني. غير أنه قصد إلى الإيجاز وعدم التكرار فجعل مع قولهم الأول الوصف وهو الظلم واكتفى بذكره هنا عن إعادته وجعل مع قولهم الثاني الدليل وهو إنزال من يعلم السر واكتفى بذكره هنا عن ذكره مع الأول فحذف من كل ما أثبت مع الآخر. وجعل الوصف مع الأول والدليل مع الثاني ترقياً من الدعوى للدليل.

[وجه الدليل]

القرآن أعجز العرب ببلاغته حتى عرفوا وعرف العلماء بلسانهم المرتاضين ببيانهم أنه ليس مثله من طوق البشر. هذه هي الناحية الظاهرة في إعجاز القرآن والإستدلال به له ولمن أتى به صلى الله عليه وآله وسلم. وهنالك ناحية أخرى هي أعظم وأعم وهي ناحيته العلمية التي يذعن لها كل ذي فهم من جميع الأمم في كل قطر وفي كل زمن. وهذه الناحية هي التي احتج بها في هذا الموطن. فقد استدل على أن القرآن لا يمكن أن يكون أتى به محمد من عنده ولا يمكن أن يستعين عليه بغيره ولا أن يكون من أوضاع الأوائل- بأنه ينطوي على أشياء من أسرار هذا الكون لا يعلمها إلا خالقه فمن ذلك ما أنبأ به من أسرار الأمم

<<  <  ج: ص:  >  >>