نزلت هذه الآية بمكة والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم يلقون من المشركين ما يلقون، والمسلمون في ضعف- من العدد- وقلة، والمشركون في قوة وكثرة. فكانت هذه الآية وعداً بما سيكون من غلبتهم وقوتهم وكثرة عددهم فيبطل الشرك ويذهب سلطانه.
وقد صدق الله وعده ففتح عليهم مكة، وتمت لهم على المشركين النصرة، وللإشارة إلى إنجاز هذا الوعد وصدق الخبر قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - الآية يوم فتح مكة كما تقدم.
[تفصيل]
مجيء الحق هو بظهور أدلته وقيام دولته، وزهوق الباطل هو ببطلان شبهه وذهاب دولته. فأما القسم الأول فإنّ الأمر فيه ما زال ولن يزال كذالك ولن تزداد على الأيام أدلة الحق إلا اتضاحاً، ولن تزداد شبه الباطل إلا افتضاحاً. وأما القسم الثاني فإنه مرتبط بأحوال أهل الحق وما يكون عليه من تمسك به وقيام فيه، أو إهمال له وقعود عنه فيدال لهم ويدال عليهم بحسب ذلك.
[عقيدة]
يرتبط قلب المسلم مطمئناً على أن ما هو عليه من الإسلام حق لا شك فيه وأنه يومئذ منصور ما تمسك به وأنه إذا خذل فإنما جاءه ذلك من ناحية نفسه، وعلى أن ما عدا الإسلام هو باطل لا شك فيه، وأن صاحبه هالك عند ربه وأن ما يكون له من سلطان لم يأته من جهة باطله وإنما جاءه من أسباب عمرانية مما يقتضيه الحق وفرط فيه أهله فحرموا ثمرته.