للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُقُوقُ الْقَرِيبِ:

{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}.

ــ

ابتدأ بحق القريب لوجوه: الأول أنه هو مقتضى طبيعة الترتيب. الثاني: تأكيد حق القريب. الثالث: إن من حكمة التربية أن يبدأ من الأوامر بما تعين فطرة النفوس الإنسانية على قبوله ببداهة الفكرة أو بشعور العاطفة. وكلتا هاتين يحبب للنفس إيتاء حق القريب فابتدى به في الأمر ليكون تقبلها له أسهل ومبادرتها للإمتثال أسرع، فإذا سخت النفوس بإيتاء حق القريب ومرنت عليه إعتادت الإيتاء وصار من ملكاتها فسهل عليها إيتاء كل حق ولو كان لأبعد الناس. وشيء آخر، وهو أن الأقارب قد تكون بينهم المنافات والمنازعات لقرب المنازل، أو تصادم المنافع أو التشاح على المواريث ما لا يكون بين الأباعد، فيقطعوا حق القرابة ويهدموا بناء الأسرة، ويعود ذلك عليهم أولاً بالوبال، ويرجع ثانياً على مجتمعهم- والمجتمع مؤلف من الأسر- بالتضعضع، فكان هذا من جملة ما يقتضي الإبتداء بحقهم إلى المقتضيات المتقدمة الأخرى.

وقوله تعالى: {ذَا الْقُرْبَى} عام يشمل الأصل- وهو الأبوان- وما يتصل بالمرء من ناحيتهما من أصولهما وفصولهما، ويشمل الفصْل- وهو الأبناء والبنات- ويتصل به منهما من فصول، غير أن الوالدين لمزيد العناية بهما خصصا بالذكر في الآيات المتقدمة وإن كانا داخلين في هذا العموم.

والحق في قوله تعالى {حَقَّهُ} هو الثابت له شرعاً المبين في آيات من الكتاب من صلة رحم ونصيب إرث ونفقة فرض وندب وإحسان بالقول والفعل ومواساة عن محبة وعطف.

<<  <  ج: ص:  >  >>