للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توزن بسيرته وحاله. فما وافقها فهو الحق والخير والهدَى، وهو الذي يقبل من كائن من كان. وما خالفها فهو الباطل والشر والضلال، وهو الذي يرد على صاحبه كائناً من كان. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَد).

[وجوه الفتنة وسببها]

مخالفة السنة النبوية والهدى المحمدي وما كان عليه رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- في تنفيذ شرع الله وتطبيق أحكامه وتمثيل الإسلام تمثيلاً عملياً، تلك المخالفة هي سبب كل بلاء لحق المسلمين حتى اليوم بحكم صريح هذه الآية. وقد ذكر المفسرون في تفسير الفتنة أشياء على وجه التمثيل لا على وجه الحصر والتحديد، فذكروا الكفر، والقتل، والاستدراج بالنعم، وقسوة القلب، عن معرفة المعروف والمنكر، والطَّبع على القلب حتى لا يفقه شيئاً، وكل هذا قد أصاب المسلمين بسبب مخالفتهم.

[أعظم الفتنة]

غير أن أعظم الفتنة- فيما نرى- هو ما قاله الإمام جعفر الصادق: (أن يسلط عليهم سلطان جائر) فإنه إذا جار السلطان- وهو من له السلطة في تدبير أمر الأمة والتصرف في شؤونها- فسد كل شيء، فسدت القلوب والعقول والأخلاق والأعمال والأحوال، وانحطت الأمة في دينها ودنياها إلى أحط الدركات، ولحقها من جرائه كل شر وبلاء وهلاك. ثم بتفاوت ذلك الفساد بحسب ذلك الجور في قدره وسعته ومدة بقائه. هذا إذا كان ذلك الجائر من جنسها ويدين- بحسبب ظواهره- بدينها، فكيف إذا لم يكن من جنسها ولا من دينها في شيء. حقاً إن أعظم ما لحق الأمم الإسلامية من الشر والهلاك كله جاءها على

<<  <  ج: ص:  >  >>