وقد اشتملت هذه الآيات على ذكر السالكين، وهم المنذرون وعلى الدليل وهو الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- وعلى الطريق وهو الصراط المستقيم المنزل من الله، وعلى ما بين الطريق وهو القرآن الحكيم.
[الحكمة في هذه الآية]
قال ابن وهب: سمعت مالك رضي الله عنه يقول: "الحكمة: الفقه في دين الله والعمل به" ففي الفقه في دين الله الكمال العلمي، وفي العمل به الكمال العملي، وهذه الآيات- على إيجازها- قد اشتملت على أصول ما به كمال الإنسان العلمي وكماله العملي اللذان بهما كماله الروحي والبدني ونعيمه الدنيوي، والأخروي، وما كماله العلمي، وكماله العملي الا بالمعرفة الصحيحة والسلوك المستقيم، وهما اللذان تقدم في الفصل السابق بيانهما وفسر مالك الحكمة بهما اذ الفقه في دين الله هو المعرفة الصحيحة، والعمل به، هو السلوك المستقيم، وهما الحكمة التي وصف به، في الآية الأولى القرآن العظيم، لا انه كتاب العلم، والعمل اللَّذين لا يكون بدونهما حكيم. فكما اشتملت هذه الآيات على أصول الحكمة دلت على أصلها، ومأخذها، وما يكون الإنسان بعلمه والعمل بما فيه من أهلها، وهو القرآن الحكيم.
[توجيه القسم في الآيات]
أقسم الله بالقرآن الحكيم على أن محمداً من المرسلين، لينذر الغافلين حال انه على صراط عظيم مستقيم منزل من العزيز الرحيم، لأن القرآن هو كتاب محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- الذي كان يتخلق به ويهتدي بما فيه وينذر به ويدعو اليه ويبينه للناس بقوله، وفعله، وهو برهانه، وحجته، وآيته، ومعجزته.
كما أنه كتاب الإسلام، الذي هو الصراط المستقيم، فيه حجته،