عليه وآله وسلم - وأصحابه من بعده، فساعيها موزور غير مشكور.
[المبحث الرابع]
شكر الرب لعبده هو جزاء شكر عبده له، وإنما يكون العبد شاكراً لربه إذا كان عاملاً بطاعته مؤمنا به. فإذا انعدم الإيمان لم يتصور شكران، وهذا مستفاد من قوله تعالى:{وَهُوَ مُؤْمِنٌ} وأفادت الجملة الإسمية ثبوت الإيمان ورسوخه حال العمل، وعلى قدر ثبوت الإيمان ورسوخه يكون الثبات والدوام على الأعمال. فالمؤمن بالله يعمل موقناً برضاه، موقناً بلقائه وعظيم جزائه، فهو يعمل ولا يفشل. وسواء عليه أَوَصَلَ إلى الغاية التي يسعى إليها أم لم يصل إليها حال بينه وبينها موانع الدنيا أو مانع الموت كانت مما تجنى ثماره في جيله أو لا تجنى ثماره إلا بعد أجيال. فأفادت الجملة المذكورة شرط القبول للعمل، وسر الدوام عليه والمضي بغبطة وسرور فيه.
[إمكان العمل بالآية لجميع المسلمين]
[خاتمة]
إن المسلمين كلهم- والحمد لله أهل إيمان فليستشعروه عند جميع الأعمال ولا يخلون من عمل لمعاشهم أو لمعادهم، فليقصدوا بذلك كله وجه الله وامتثال أمره وحسن جزائه. وليقتصروا في عبادتهم على ما ثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ليكونوا على يقين من موافقة رضى الله وسلوك طريق النجاة. فإذا فعلوا هذا وصمدوا إليه وجاهدوا أنفسهم في حملها عليه كانوا شاكرين مشكورين على تفاوتهم في منازل العاملين عند رب العالمين، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (١).
(١) ش: ج١، م ٦، ص ١ - ٩. غرة رمضان ١٣٤٨ - فيفري ١٩٣٠