للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر جماعتهم، فقد صار بذلك أعظم هلاكا منهم لارتكابه معصية كبيرة تعدت إلى غيره وعمتهم، وهي معصية الكبر الذي هو احتقار المرء من عداه، فهذا قد تكبر على جميع الناس فكان عظم هلاكه على حسب عظم معصيته بهذا العموم في الكبر والاحتقار.

[وعلى الوجه الثاني]

إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس يثبطهم ويقنطهم فهو بذلك التثبيط والتقنيط أيْأسهم من رحمة الله وصدهم عن الرجوع إليه وبالتوبة ودفعهم إلى الاستمرار فيما هم عليه، فأوقعهم بكلمته تلك في الهلاك، هلاك اليأس والقنوط والاندفاع في الشر.

[الأحكام]

على الوجه الأول: لا يجوز الحكم على عموم الناس بالشر والفساد ولو كان ذلك ظاهراً بينهم فاشيا فيهم، لأنه حكم بدون علم، وظن سوء بمن قد يكون في غمار الناس على خلاف ما عليه أكثرهم. هذا إذا حكم حكما لمجرد الإخبار فأحرى وأولى إذا زاد على ذلك تحقيرهم.

وعلى الوجه الثاني: لا يجوز لمن رآى الناس في حالة سيئة أن يقنطهم من رحمة الله وإمكان تدارك أمرهم واصلاح حالهم. هذا إذا كان يحمله على ذلك ما تعظمه من سوء حالهم في ظاهر أكثرهم وأحرى وأولى إذا كان يحمله على ذلك صدهم وتثبيطهم عن التوبة والأخذ بأسباب الإصلاح.

[توجيه]

كان الحديث الشريف مفيدا لعدم الجواز لما ذكر، لأنه سيق مساق الذم لهذا القول ووصف قائله بأنه أعظم الناس هلاكا أو أوقع الناس في الهلاك وما أدى إلى أحد هذين لا يكون إلا ممنوعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>