لقد كانت غايته السياسية الكبرى إيجاد دولة إسلامية كبرى مرهوبة الجانب تكون مركزاً للأمم الإسلامية في العالم بصفة دينية إذا لم تكن بصفة سياسية، وعلى هذه الفكرة ولهذه الغاية ناصر الدستور العثماني وجمعية الإتحاد والترقي فلما تبينت له منهم النعرة الملية الضيقة ناوأهم وعمل على إيجاد مملكة عربية إسلامية مستقلة عن الدولة العثمانية التي كان يرى الإتحاديين سائرين بها إلى الإنهيار فانضم إلى الجمعية العربية العاملة في مصر وأوربا لهذا الغرض. ولهذه الغاية كان مع الشريف حسين يوم أعلن الثورة العربية حتى إذا تبين غدر الحلفاء بما كان من معاهدة (سايس- بيكو) ورأى الشريف حسين لا يرجع عن اغتراره بهم نفض يده منه وانقلب عليه وعلى البيت الهاشمي كله. ولغايته التي ذكرنا كان ساير إمام اليمن يوما حتى تبين له أن نطاق المذهب الزيدي لا يتسع لأمم الإسلام، وفي أثناء هذا أخذت لوامع الدولة السعودية تلوح في الأفق حتى فاجأت العالم بإزالة العرش الهاشمي المتداعي وانتصابها مكانه بمكة الكرمة، فوجد فيها السيد رشيد ضالته من دولة إسلامية تنفذ الشرع الإسلامي وتقف عند حدوده وتحيي سنته وتقاوم كل ما ألصق به من بدع وضلالات وتنتمي إلى أحد المذاهب الأربعة الكبرى فشمر عن ساق الجد لمؤازرتها وتأييدها وإرشادها ووجد من ملكها الملك عبد العزيز آل سعود الرجل المسلم الذي يحمل للدين وينتصح لكل ناصح فيه فسار معه السيد رشيد إلى غاية واحدة حتى قضى وهو في طريق رجوعه من تشييع ولي عهده. فإذا كان يظهر من السيد رشيد تبدُّل في سيره السياسي فإنما هو تنقل من طريق إلى طريق في سبيل الوصول إلى غاية معينة فلما وجد الطريق اللاحب المبين سلكه حى مات رحمة الله عليه.