أدركنا من يوم تأسست الواجهة الشعبية الفرنسية أن روح السياسة الفرنسية نحو الشعوب المتصلة بفرنسا لا بد أن تتبدل- إلى العدل والتسامح- شيئا ما. وعلمنا أن المبادئ التي أنبنت عليها تلك الواجهة أكثر إنسانية، فكنا أول من أعلن ثقته بها ولزوم انتظار شيء منها. وقلنا يوم ذلك: أن فرنسا- بإجماع العالم- في وضعية جديدة فلننظر إليها نظرة جديدة. وشاهدنا بالفعل طغاة الاستعمار عندنا بالجزائر يناوئون تلك الواجهة ويناصبونها العداء، فازددنا يقينا بما اعتقدنا. ولا يشك من له أدنى مسحة من عقل أن أولئك الطغاة ما أبغضوها ذلك البغض ولا عادوها ذلك العداء إلا لما اعتقدوه فيها من شيء من تخفيف وطأة الظلم والإرهاق عن المستضعفين، وشيء من كف يد العتاة الظالين. ونحن نعترف أن الواجهة الشعبية سارت شطرا من ماضي أيامها بالروح التي تأسست عليها وتنفس الخناق عن المستضعفين شيئا ما وانتعشت الآمال في المستقبل بعض الانتعاش.
ولكن ما لبث الطغيان الاستعماري والجبروت الآلي الاستغلالي أن أخذ يتقلب، وأخذت حكومة الواجهة تبعا لذلك تتقلب، حتى انتهت إلى ما انتهت إليه الحكومات قبلها. وحوادث اليوم بالمغرب والجزائر أكبر شاهد.
وقد اعترف رجال هذه الواجهة في صحفهم بحقيقة الانقلاب في حكومتهم والغلب الواقعة عليهم. ففي عدد أخير من جريد "البوبيلير" لسان الحزب الاشتراكي الافرنسي مقال عن المغرب بقلم مادلين بار قال فيه:
"إنه يمكننا الإفصاح بكلمات وجيزة، ذلك أن كامل الساسة الفرنسوية قد توجهت لحد الآن للاهتمام بحالة المعمرين، وصرفت