لا ننكر أننا من المعجبين بالآداب الفرنسية، ولا ننكر أننا مع المعجبين فوق ذلك بالصحافة الفرنسية الكبرى، وما لها من بديع نظام، ومهرة أقلام، وجرأة وإقدام، لهذا يؤلمنا ويزعجنا ويملأ أنفسنا حسرة وإشفاقا أن نرى الآداب الفرنسية وأن نرى الصحافة الفرنسية الكبرى تنحط أحيانا إلى دركة الهذر واللغو والسخافة، وتنغمس في حمأة التعصب الممقوت المظلم فتنكر على غيرها ما تستحسنه لنفسها، وتعتبر الفضيلة عندها رذيلة عند غيرها. ثم تلجأ فوق كل ذلك إلى باب الاختلاق والإفك والبهتان فتتهم الأبرياء وهي تعلم أنهم أبرياء، وتقلب الحقائق وهي تعلم أنها تقلب الحقائق، وما ذلك إلا خدمة لغايات انتفاعية، ودفاعا عن مصالح مادية لبعض الهيئات التي تغذي صناديق تلك الصحف الكبرى.
وهكذا يقع التدليس والتلبيس على الشعب الفرنسي، فيبقى بفضل صحافته الكبرى المتحاملة عن غرض أو عن استئجار، جاهلا حقيقة ما يجري بالبلاد المرتبطة مع وطنه ارتباطا وثيقا، غالطا في حكمه عليها، غير متصور حقيقة ميولها وعواطفها وآمالها وآلامها.
وكلامنا اليوم مع أم الصحف الباريسية الكبرى، العجوز الوقورة جريدة الطان. فقد سولت لها النفس الأمارة بالسوء أن تسود مقالا عن الجزائر والجزائريين بمناسبة الاجتماع الذي عقدته بباريس لجنة البحر المتوسط الجديدة، وهي التي تجمع نواب الوزارات ورجال الحكم في مستعمرات فرنسا وبلاد الحماية والانتداب، ومهمتها النظر