للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنذار العرب ما في هذه الآية وهو قوله: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} (١)، فكان يعرض نفسه على قبائل العرب في المواسم. وأمره بتعميم الإنذار بمثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (٢) فارسل رسله إلى الأمم تحمل كتبه إلى ملوكها بالدعوة إلى الإسلام، وكان ذلك هو الإنذار العام.

[اندفاع إشكال]

قد كان النبي يرسل إلى قومه خاصة وأرسل نبينا- صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الناس عامة بمثل قوله: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} أي بالقرآن كل من بلغه القرآن ولا يشكل على ذلك مثل ما تقدم من الآيات في انذار عشيرته الأقربين وقومه العرب، لأنه ابتدأ بهما لحكمة التَّدريج وحق القريب لا للتخصيص، بدليل ما جاء من آيات التعميم.

[إقتداء]

هكذا على المرء أن يبدأ في الإرشاد والهداية بأقرب النَّاس إليه، ثم من بعدهم على التدريج، وعندما يقوم كل واحد منا بإرشاد أهله وأقرب الناس إليه لا نلبث أن نرى الخير قد انتشر في الجميع، فمن الأسر تتركب الأمة، فعندما يعني كل واحد بأسرته ترتقي الأمة كلُّها بارتقاء أسرها كارتقاء أي كل بارتقاء أجزائه، فيكون المعتني باسرته في الوقت نفسه معتنيا بأمته. وعندما يقصد بخدمة أسرته


(١) ٣٦/ ٦ يس.
(٢) ٧/ ١٥٧ الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>