للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بماذا تكون الهداية]

كما أنعم الله على عباده بالهداية إلى ما فيه كمالهم وسعادتهم كذلك أنعم عليهم فبين لهم ما تكون به الهداية حتى يكونوا على بينة فيما به يهتدون، إذ من طلب الهدى في غير ما جعله الله سبب الهدى كان على ضلال مبين. فلذا بيَّن تعالى أن هدايته لخلقه إنما تكون برسوله وكتابه فيتمسك بها من يريد الهدى وليحكم على من لم يهتد بها بالزيغ والضلال. ولما كانا في حكم شيء واحد في الهداية يصدق كل واحد منهما الآخر- جاء بالضمير مفرداً في قوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ}.

[لمن تكون الهداية]

أما هداية الدلالة والإرشاد وحدها فهي كما تقدم عامة، وأما هداية الدلالة والإرشاد مع التوفيق والتسديد فهي للذين اتبعوا ما جاءهم من عند الله من رسوله وكتابه، وكانوا باتباعهم لهما متبعين لرضوانه المقتضي لقبوله ومثوبته وكرامته لهم، ولم يتبعوا أهواءهم ومألوفاتهم وما ألفوا عليه آباءهم ولا أهواء الناس ورضاهم. فكان اتباعهم لرضوان الله سبباً في دوام إرشادهم وتوفيقهم وبقدر ما يكون ازدياد اتباعهم يكون ازدياد توفيقهم، إذ قوة السبب تقتضي قوة المسبب، والخير يهدي إلى الخير والهدى يزداد بالإهتداء. وهذا الربط الشرعي بين التوفيق والإتباع يقتضي الربط ما بين ضديهما: الإعراض والخذلان وأنه بقدر ما يكون الإعراض عن الهدى يكون الخذلان والحرمان والشر يدعو بعضه إلى بعض والسيئة تجر إلى السيئة. وقد أفاد تخصيص التوفيق بأهل الإتباع وجعل التوفيق مسبباً عنه- بما في صلة الموصول من التعليل- قوله تعالى: {مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ}.

[إلى ماذا تكون الهداية]

فشؤون الشخص في نفسه وشؤونه فيما بينه وبين أهله وفيما بينه

<<  <  ج: ص:  >  >>