بنفسه، وأنه خلق من النار، وأنه خير من آدم، فتكبر عليه فكان من الظالمين الهالكين.
[ترك العجب شرط في حسن وكمال الأخلاق]
تربية النفوس تكون بالتخلية عن الرذائل، والتحلية بالفضائل، والعجب هو أساس الرذائل. فأول الترك تركه، وهو المانع من اكتساب الفضائل، فشرط وجودها تركه كذلك. ومن لم يكن معجباً بنفسه كان بمدرجة التخلق بمحاسن الأخلاق والتنزه عن نقائصها، لأن الإنسان مجبول على محبة الكمال وكراهة النقص. فإذا سلم من العجب فإن تلك الجبلة تدعوه إلى ذلك التخلق والتنزه. فإذا نبه على نقصه لم تأخذه العزة، وإذا رغب في الكمال كانت له وإليه هزة فلا يزال بين التذكيرات الإلهية والجبلة الإنسانية الخلقية يتهذب ويتشذب حتى يبلغ ما قدر له من كمال. ولهذه المعاني التي تتصل بتفسير هذه الآية الكريمة- وهي أصول في علم الأخلاق- عنونا عليها بآية الأخلاق.
إن الغاية التي يسعى إليها كل عاقل هي السعادة الحقة، وإن التكاليف الإسلامية كلها شرعت لسوقه إليها، ولما كانت أصولها قد تضمنتها الآيات السابقة أمراً ونهياً بطريق الإطناب والتفصيل- أعيد الحديث عنها في هذه الآية بطريق الإيجاز والإجمال. قصداً للتأكيد وتقرير هذه الأصول العظيمة في النفوس، مع اشتمال هذه الآية الموجزة على ما لم يشتمل عليه ما تقدمها. وهذا من بديع التأكيد، لاشتماله على السابق مع شيء جديد.