يكون العاصي في غمرات معصيته فإذا ذكر الله ووفقه الله أسف على حاله ورجع إلى ربه، وهذه أول الدرجات في توبته فإذا استشعر قلبه اليقين واطمأن قلبه بذكر الله صمم على الإعراض عن المعصية والإقبال على الطاعة، فإذا كان صادقا في هذا العزم فلا بد أن يظهر أثر ذلك على عمله، فلهذا روعيت الحالة الأولى فذكرت التوبة والثانية فذكر الإيمان والثالثة فذكر عمل صالح.
[تأييد واقتداء]
روى الأئمة عن كعب بن مالك- رضي الله عنه- أحد الثلاثة الذين خلفوا أنه لما جلس بين يدي النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- بعد ما تاب الله عليه قال: يا رسول الله، إن من توبتي أن انخلع من مالي إلى الله وإلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: أمسك بعض مالك فهو خير لك، قال: فقلت: فإني أمسك سهمي الذي هو بخيبر. فهذا الصحابي الجليل رأى أن من توبته أن يعمل هذا العمل الصالح ليكون دليلا على صدق توبته كما اقتضته الآية، فتأيد بفهمه ما قدمنا وكان خير قدوة للتائبين.
[وجوه التبديل]
لما كانت السيئة لا تنقلب حسنة كان معنى التبديل هو جعل الحسنة مكان السيئة وهذا على وجوه أولها محق السيئات الماضية بالتوبه وكتابة حسنة التوبة وما فيها من عمل باطن وظاهر كما تقدم. وثانيهما تركه المعصية وإتيانه بالعمل الصالح، فصار يعمل الصالحات بعد ما كان يعمل السيئات. وثالثهما أن نفسه كانبت بالمعصية مظلمة شريرة