للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجدال بها في قوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (١).

[إهتداء واقتداء]

هدتنا الآية الكريمة إلى الطريقة المحمودة المشروعة في الجدال، وفي آيات القرآن بيان لهذه الطريقة البيان التام، فإنه كما لم يترك القرآن عقيدة من عقائد الإسلام إلا بينها وأوضح دليلها ولا أصلاً من أصول أحكامه أو أصول آدابه إلا بينه واحتج له، وذكر حكمته وثمرته، كذلك لم يترك شبهة من شبه الباطل إلاَّ ردها بالطريقة الحسنة التي أمر بها. وجاءت السنة النبوية الكريمة والسيرة المحمدية الشريفة مطبقة لذلك ومنفذة له. فالكتاب والسنة فيهما البيان الكافي الشافي للجدال بالتي هي أحسن، كما فيهما البيان الشافي الكافي للحكمة والموعظة الحسنة.

فعلينا أن نطلب هذا كله من الكتاب والسنة، ونجهد في تتبعه وأخذه واستنباطه منهما، وندأب على العمل بما نجد. والتحلي به والإلتزام له، من هذه الأصول الثلاثة في الدعوة والدفاع عنها.

[أحكام وتنزيل]

أمر الله بالدعوة وبالجدال على الوجه المذكور، فكلاهما واجب على المسلمين أن يقوموا به، فكما يجب لسبيل الرب جلَّ جلاله أن تعرف بالبيان بالحكمة، وأن تحب بالترغيب بالموعظة الحسنة، كذلك يجب أن يدافع من يصدُّون عنها بالتي هي أحسن. إذ لا قيام لشيء من الحق إلا بهذه الثلاث. غير أنَّ الدَّعوة بوجهيهما والجدال ليستا في منزلة واحدة في القصد والدوام. فإن المقصود بالذات هو


(١) ١٢٥/ ١٦ النحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>