بينهما إلى العداوة والمقاطعة. ويكون خيرا له لو تركهم من أول الأمر وشأنهم.
وعلى الوجه الثاني: على مرشدي المسلمين أن يعانوا أدواءهم بالعلاجات النافعة ويشخصوها لهم عند الحاجة بالعبارات الرقيقة المؤثرة في رفق وهوادة مجتنبين كل ما فيه تقنيط أو تثبيط، وأن يعرِّفوهم بأنهم- وإن ساءت نواح من أحوالهم- فهنالك (١) نواح ما تزال صالحة. وهنالك علاجات من الإسلام قريبة ناجعة وأن يعرفوا ما فيهم من فضائل وما لهم من مجد، وما لهم بهذا الإسلام من قدر وعز ليثيروا فيهم النخوة ويبعثوهم على العمل والخير. وإذا ذكروا لهم سيئاتهم ذكروا لهم قرب السبيل إلى النجاة منها بالإقلاع عنها فيسرعون بالتوبة والإنابة.
[أصل عام في التربية]
هذا الحديث أصل عظيم في التربية المبنية على علم النفس البشرية فإن النفوس عندما تشعر بحرمتها وقدرتها على الكمال تنبعث بقوة ورغبة وعزيمة لنيل المطلوب. وعندما تشعر بحقارتها وعجزها تقعد عن العمل، وترجع إلى أحطِّ دركات السقوط. فجاء هذا الحديث الشريف يحذر من تحقير الناس وتقنيطهم، وذلك يقتضي أن المطلوب هو احترامهم وتنشيطهم وهذا الأصل العظيم الذي دل عليه هذا الحديث الشريف يحتاج إليه كل مرب سواء أكان مربِّيا للصغار أم للكبار، وللأفراد أم للأمم، إذ التحقير والتقنيط وقطع حبل الرجاء قتل لنفوس الأفراد والجماعات، وذلك ضد التربية، والاحترام والتنشيط وبعث الرجاء احياء لها وذلك هو غرض كل مرب ناصح في تربيته.