فمن أحكام الآية الكريمة- أن على أئمة المسلمين وذوي القيادة فيهم إذا نزل بهم أمر هام أن يجمعوا جماعة المسلمين الذين يرجى منهم الرأي والعمل فيما نزل، فلا يجوز لهم أن يهملوا أمرهم، ولا أن يسبتدوا عليهم، وأن على المسلمين أن يجتمعوا إليهم ويكونوا معهم، يظاهرونهم ويؤيدونهم وينصحون لهم، فلا يجوز لهم أن يتخلفوا عنهم، ولا أن يخذلوهم، وأنَّ على المجتمعين أن لا يذهب واحد منهم إلا بإذن- وأن لا يستأدن إلا لعذر ببعض الشأن، وأن على الإمام أن ينظر في الإذن وعدمه فيفعل ما هو أولى.
[بيان مراد، ودفع اغترار واعتراض]
تجد في آيات القرآن العظيم أخباراً ووعوداً من الله- تعالى- للمؤمنين ولربما حسب من لا يعلم أنها تشمل كل من كان على أصل الإيمان من اعتقاده مع بعض أعماله، وإن فرط في كثير من أصول الأعمال. فيبين الله- تعالى- في هذه الآية وأمثالها مراده بالمؤمنين عند إطلاق لفظ المؤمنين في تلك الأخبار والوعود، حتى لا يغتر المفرطون ولا يعترض الجاهلون.
[توجيه وإرشاد]
إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله، ورسوله، إذا كانت لهم قوة، وإنما تكون لهم قوة إذا كانت لهم جماعة منظمة تفكر، وتدبر، وتتشاور، وتتآزر وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرة متساندة في العمل عن فكر وعزيمة. ولهذا قرن الله في هذه الآية بين الإيمان بالله ورسوله والحديث عن الجماعة وما يتعلق بالإجتماع، فيرشدنا هذا إلى خطر أمر الإجتماع، ونظامه، ولزوم الحرص، والمحافظة عليه، كأصل لازم للقيام بمقتضيات الإيمان وحفظ عمود الإسلام.
[موعظة]
ما أصيب المسلمون في أعظم ما أصيبوا به إلاَّ بإهمالهم لأمر