للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخلافه فلا يستطيع أن ينسى نفسه في أقواله وأعماله. وهذا الفرق من قوله تعالى: {إِلَى اللَّهِ}. الثاني: أن الصادق يعتمد على الحجة والبرهان فلا تجد في كلامه كذباً ولا تلبيساً ولا ادعاءً مجرداً، ولا تقع من سلوكه في دعوته على الْتِوَاء ولا تناقض ولا اضطراب. وأما الكاذب فإنه بخلافه، فإنه يلقي دعاويه مجردة ويحاول تدعيمها، بكل ما تصل إليه يده ولا يزال لذلك في حنايا وتعاريج لا تزيده إلا بعداً عن الصراط المستقيم. وهذا الفرق من قوله تعالى: {عَلَى بَصِيرَةٍ}.

[مباحث لفظية]

(على بصيرة): يتعلق بأدعو واختيرت (على) لتدل على تمام التمكن. (أنا): تأكيد للضمير المستتر في أدعو. ونكتته الإعلان بنفسه في مقام الدعوة وشأن الداعي على بصيرة أن يجهر بدعوته ولا يستتر بها، واتصال اللفظ الدال عليه باللفظ الدال على أتباعه كما تتصل دعوتهم بدعوته. وشأن الصورة اللفظية مطابقة الصورة الخارجية، والكلام تصوير للواقع. (من): تفيد للعموم لكل تابع، وأكملهم في الإتباع أكملهم في الدعوة، لأن الموصول يفيد التعليل بصلته، فهم يدعون لأنهم متبعون.

[تنزيه الله تعالى]

الإعتراف بوجود خالق للكون يكاد يكون غريزة مركوزة في الفطرة ويكاد لا تكون لمنكريه- عناداً- نسبة عددية بين البشر. ولكن أكثر المعترفين بوجوده قد نسبوا إليه ما لا يجوز عليه ولا يليق بجلاله من الصاحبة والولد والمادة والصورة والحلول والشريك في التصرف في الكون والشريك في التوجه والضراعة إليه والسؤال منه والإتكال عليه.

فأرسل الله الرسل ليبيِّنوا للخلق تنزهه عن ذلك كله. وكان من سبيل محمد - صلى الله عليه وآله وسلم- أنه يدعو الخلق إلى الله وينزهه

<<  <  ج: ص:  >  >>