أغارت خيل بني القين على أبيات بني معن فاحتملوا فيما غنموا زيد بن حارثة الكلبي، وقد جاء مع أمه سعدى عند أخواله، وهو غلام يفعة، فسبوه وباعوه في سوق عكاظ فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد فلما تزوجت بمحمد- صلى الله عليه وآله وسلم- وهبته له فصار عبداً لمحمد- صلى الله عليه وآله وسلم- بتلك الهبة.
قدم ناس من قوم حارثة مكة فرأوا زيداً فعرفوه فلما رجعوا. أخبروا أباه وكان قد وجد على فقده وسبيه وجدا شديدا وكان دائم البحث عنه فما أن بلغه نبأ وجوده بمكة حتى خرج هو وأخوه كعب قاصدين إلى مكة ليفتديا زيداً من مالكه بما استطاعا من المال.
قدما لمكة وسألا عن محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- الذي يملك ابنهما فدلا عليه في المسجد بفناء الكعبة فدخلا عليه فقالا: (ابن عبد المطلب يا بن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العاني وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك تمن علينا وتحسن إلينا في فدائه، قال: من هو؟ قالا: زيد بن حارثة، فقال: فهلا غير ذلك، قالا ما هو إلا ذاك، قال أدعوه فأخبراه فإن اختاركم فهو لكم وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي اختار على من أختارني أحداً، قالا قد رددتنا إلى النصف وأحسنت، فدعاه، فقال: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم هذا أبي وهذا عمي، قال فأنا من قد علمت وقد رأيت محبتي فاخترني أو اخترهما؟ قال: زيد: ما كنت بالذي أختار عليك أحداً أنت مني مكان الأب والعم، فقالا ويحك يا زيد أتختار العبودية على