نريد هنا قبل كل شيء أن نسجل ثقتنا في نزاهة وحرية القضاء الفرنسي فما زالت حياة القضاة غير متأثرة بالمؤثرات الخارجية، وغير خادمة لركاب السياسة والأحزاب.
فإن كنا هنا نحتج بأقصى ما لدينا من قوة وشدة على المسلك الأهوج الذي تسلكه الإدارة مع رجال حزب الشعب الجزائري، وإلقائها القبض على زعيم الحزب السيد مصالي الحاج محمد، وعمدته السيد الشاعر الكبير مفدي زكرياء، وأعوانهما في العمل السادة بوغرافة والاحول الحسين ومسطول، وهم إنما يعملون أعمالهم جهارا وفي وضح النهار، فما ذلك انتقادا منا لسلوك العدالة التي ستقول كلمتها الفاصلة في الموضوع قريبا، إنما هو انتقاد مرير لسلوك السياسة التي أوجبت هذه الأعمال القاسية الشديدة، مندفعة وراء أغراض حزبية، إنما هي دور من أدوار النزاع والنضال بين أحزاب اليمين وأحزاب اليسار. ولا ندري ما المبرر لسجن مصالي ورجال حزبه بدعوى إعادة تشكيل هيأة منحلة إذا كانت الإدارة لم تسجن الكولونيل لاروك وقد أعاد تشكيل صلبان النار في هيئة "الحزب الاجتماعي"، والحزب الاجتماعي أكثر شبهاً بهيئة صلبان النار من حزب الشعب الجزائري بهيئة "نجم شمال أفريقيا".
إن دلنا هذا العمل على شيء فهو إنما يدلنا على أن الحكومة عازمة على سياسة الشدة والإرهاق، واليوم دور مصالي، وغدا دور آخرين.