بعده فإذا نزلت به المصيبة كان كالمنقطع به في البيداء يجد نفسه وحده فيأخذه اليأس والقنوط من كل جانب، الثانية أن الإعراض عن النعمة ترك لها ولموليها، والآيس متروك لوحده مغضوب عليه قد ترك فترك وكان جزاؤه من جنس عمله.
[إنتقال واعتبار]
هذه حالة أهل الإعراض، أما أهل الإقبال على الله تعالى والقبول لإنعامه فإن قلوبهم عامرة بالله وصلتهم متينة به، فإذا نزلت بهم المصائب رجعوا إليه وانتظروا رحمته، فكان ذكره غناهم في الفقر وإنسهم في الوحشة، ونعيمهم في الألم. وكان لهم من الرجاء في أنواع رحمته ما يهون عليهم جميع المصائب.
[تبصير وتحذير]
بصرنا القرآن في هذين الوصفين الذميمين الإعراض عن النعمة، واليؤس من الرحمة، ونحن نراهما فاشيين في أكثر الناس على تفاوت بينهم على حسب ما عندهم من إيمان وعمل صالح. بصَّرنا القرآن بهما ليحذرنا منهما ومن سوء عواقبهما، فإن الإعراض عن النعمة كفر بها ومقتض لسلبها، وأن اليئوس من رحمة الله جهل به وكفر بما هو متقلب فيه من نعمه وموجب لانطماس القلب وشلل البدن وانقطاع الأعمال. فليحذر المؤمن من هذين الوصفين الذميمين وليعمل على اجتنابهما واجتثاثهما من أصلهما.
[سلوك]
على المرء أن يقبل نعم الله تعالى ويقبل عليها إقبال المستعظم لها، العارف بحقها وعظيم الفضل بها، ليقوم بشكرها وذكر الله عندها، وليتفحصهما وليتأملها نعمة نعمة، ليشكر الله عليها واحدة واحدة، بالقلب واللسان، وإلا كان حسب المستطاع حتى ما يكون من باب