أموالاً باهظة بصورة تنم عن تكوين جنة- وهذا هو النعت المناسب للمقام- لفائدة ثلاثة آلاف من الرجال. أي المعمرين خاصة لا يحسنون من الفلاحة إلا وسيلة واحدة وهي الاستثمار، ولا غاية لهم إلا تربية الثروة. هذا ما كان، وأما ما يجب القيام به فهو المبادرة بصدق إلى توجيه السياسة الفرنسية نحو سواد الأهالي".
نحن نعرف المبادئ قبل كل شيء، ورأينا في مبادئ الواجهة الشعبية هو رأينا، ولكن رجال تلك المبادئ الحقيقيين- رغم ما كان عندهم في أيامهم الأولى من قوة- كانوا ضعفاء، كانوا صغارا في السياسة أو - على الأقل- كانوا جدداً في كراسي الحكومة.
فهاهم اليوم، الحكومة حكومتهم، ولكن روحها غير روح مبادئهم، إسمها لهم ومسماها في يد غيرهم ولم يبق لهم إلا النصح والقول تقدمه - باحتراس كبير- صحفهم أو بعض صحفهم!
فإزاء هذا رأينا أن الواجب علينا أن نعلن لشعبنا أن "لا نعتمد إلا على أنفسنا وتتكل على الله".
ثم نحن من بعد ذلك سنحتفط للمحسن بإحسانه، وللمسيء بإساءته.
"و" الخير أبقي وإن طال الزمان به ... والشر أخبث ما أوعيت من زاد {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}(١).
عبد الحميد بن باديس
(١) ش: ج ٩، م ١٣، ص ٤٠٣ - ٤٠٦ غرة رمضان ١٣٥٦هـ - نوفمبر ١٩٣٧م.