الحقد الديني والتعصب على المخالف أنواعا من الشرور والبلايا والفتن تشيب من هولها الولدان حتى جاء الإسلام ينشر راية التسامح العام ويقلع جذور الحقد الديني من قلوب متبعيه ويكفهم عن التعصب على المخالف لهم في الدين.
قرر الإسلام محبة الإسلام في قلوب المسلمين وكره ما سواه ولكنه بيَّن لهم أنه كره يحملهم على مجانبة عقائد غير الإسلام وأعماله التي أبطلها الإسلام دون أن يحملوا حقدا على مخالفيهم أو يمسوهم بأذى من سب أو تحقير لهم أو لمعتقداتهم، أو يكرهوهم على شيء من الدين.
لأجل أن يقتلع الإسلام جذور الحقد الديني والتعصب على المخالف من قلوب اتباعه ويزرع فيها التسامح- عرفهم أن اختلاف الأمم وتباينهم في نحلهم هو بمشيئة الله وما كانت مشيئته إلا حكمة وصوابا فقال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}. {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً}{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} وعرفهم بوجه الحكمة في هذا الاختلاف وهي أن تباين أعمالهم بتباين مشاربهم ومداركهم مما هو ضروري لنمو العمران وتقدم الانسان وظهور حقائق الأفراد والأمم بالابتلاء والاختبار فيما أوتيت من عقول وإرادات وقوى وأعمال. فقال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} ثم أقر المخالفين على ما ينتحلون ويعتبرونه دينا وسماه دينا وحكم بأن يترك لهم فقال: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} وأقر معابدهم وذكرها بما يقتضي وجوب احترامها بما يذكر فيها من اسم الله وقرنها بالمساجد تأكيداً لذلك الاحترام فقال: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ