للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا المقال. وها هي أربعة أشهر ونيف قد مضت على تلك الوقفة وانقضت في الانتظار! وها نحن نعود إلى استئناف الكتابة في هذه المظلمة الشوهاء والداهية الدهياء، التي لا يهدأ ضمير الأمة ما دام جرحها الدامي في أعماق قلبها، ولكن بماذا نعود؟ لقد كنا نحسب ونود أننا نعود فنذكر برَّ الإدارة بوعدها، واحترامها للأمة الجزائرية المسلمة في دينها ولغة دينها، وفي أدق شعورها، ومراعاتها ما تقتضيه مصلحة فرنسا من كسب قلوب الشعوب الواقعة في نطاق نفوذها لأيام رخائها وشدتها، فنرفع الصوت بالشكر والاغتباط، ونعرب عن شعور الأمة وعاطقتها الحقيقيين باللسان الصادق والضمير المرتاح. ولكن- ويا للأسف- خاب الظن وباخت الوعود، وانقشعت الأماني التي هي أحلام وتضليل.

فمدرسة دار الحديث ما زالت مغلقة، ومثلها مدرسة القلعة، والمعلمون في بجاية وغيرها ما زالوا يعاودون بالتغريم ويساقون إلى المحامكة كمجرمين، وطلبات الرخص ما زالت تقابل بالرفض أو بالسكوت، اللهم إلا نزرا يسيرا جدا بوسائل خاصة لا يدل على تغيير في الحال ولا تبديل.

هذا هو الحال من ناحية الإدارة التي هي مؤسفة بقدر ما هي مؤلمة، أما الحال من ناحية الأمة المظلومة في حرية تعلم دينها ولغة دينها، والمصابة من ذلك في أعز عزين عليها، فإنها مما يبعث على السرور والرضا وتمام الثقة بالأمة المسلمة في حاضرها ومستقبلها، فإنها برغم العراقيل ما تزال تبذل في التعليم بكل مناسبة، وتسعى للمطالبة والمقاومة بكل وسيلة مشروعة، وتتحمل تغريم المتعلمين- ويتحملون- بكل ثبات وطمأنينة.

فهل تدرك الإدارة معنى هذه النفسية من الأمة؟ وهل تبصر من

<<  <  ج: ص:  >  >>