للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أعطانا الله من هذا الدين الإنساني من هذا الدين العقلي الروحي ما يكمل عقولنا، ويهذب أرواحنا. أعطانا منه ما لم يعطه لغيرنا، لنكون قادة وسادة. وأعطانا وطنا شاسعا واسعا، مثل ما لغيرنا فنحن إذن شعب ماجد عظيم يعتز بدينه، يعتز بلغته، يعتز بوطنه، يعتز بقوميته، يستطيع أن يكون في الرقي واحدا من هذه الشعوب، وأن يفوق كثيرا من هذه الشعوب. ولنا من تاريخه الحافل ما يجعلنا نؤمن بصدق معتقدنا فيه.

إننا نعتصم بالحق، ونعتصم بالتواضع عندما نقول: إننا شعب خالد ككثير من الشعوب. لكننا ننصف التاريخ إذا قلنا: إننا سبقناها في ميادين الحياة، سبقناها بهدايتنا، ونشرنا بينها الشريعة الحقة قبل أن تتكون هذه الأمم وسبقنا هذه الأمم في نشر الحق، أيام كانت في ظلمات من الجهل حالكة أيام كانت تسبح في لجج من الأوهام والخيالات. وذلك ما كنا فيه، وما سنعود إن شاء الله إليه، وإنما علينا أن نعرف تاريخنا، ومن عرف تاريخه جدير بأن يتخذ لنفسه منزلة لائقة به في هذا الوجود. ولا رابطة تربط ماضينا المجيد بحاضرنا الأغر والمستقبل السعيد، إلا هذا الحبل المتين: اللغة العربية، لغة الدين، لغة الجنس، لغة القومية، لغة الوطنية المغروسة.

إنها وحدة الرابطة بيننا وبين ماضينا وهي وحدها المقياس الذي نقيس به أرواحنا بأرواح أسلافنا، وبها يقيس من يأتي بعدنا من أبنائنا وأحفادنا الغر الميامين، أرواحهم بأرواحنا، وهي وحدها اللسان الذي نعتز به وهي الترجمان عما في القلب من عقائد وما في العقل من أفكار، وما في النفس من آلام وآمال. إن هذا اللسان العربي العزيز الذي خدم الدين، وخدم العلم، وخدم الانسان، هو الذي نتحدث عن محاسنه منذ زمان، ونعمل لإحيائه منذ سنين، فليحقق الله أمانينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>