ومضايقة رجالها وعرقلة أعمالها حتى عطلوا جريدة السنة لغير ما سبب إلا أنها جريدة الجمعية ولسان حالها؟! هذا محل سؤالنا ومناط تعجبنا.
وبعد فما ينقم علينا الناقمون؟ أينقمون علينا تأسيس جمعية دينية إسلامية تهذيبية تعين فرنسا على تهذيب الشعب وترقيته ورفع مستواه إلى الدرجة اللالقة بسمعة فرنسا ومدنيتها وتربيتها للشعوب وتثقيفها؟ فإذا كان هذا ما ينقمون علينا فقد أساءوا إلى فرنسا قبل أن يسيئوا إلينا، وقد دلوا على رجعية فيهم وجمود لا يتناسبان مع المبادئ الجمهورية ولا مع حالة هذا العصر، أفتكون في الهند جمعيات للعلماء تقوم بأعمالها بغاية الحرية والهناء عشرات من السنين تحت السلطة الإنجليزية الغاشمة القاسية وتضيق صدوركم أنتم عن تكوين جمعية واحدة للعلماء المسلمين بالجزائر تحت المبادئ الجمهورية العادلة المشعة بعلومها على الأمم؟ تناهضوها وهي ما تزال في المهد؟ أفظننتم أن الأمة الجزائرية ذات التاريخ العظيم تقضي قرنا كاملا في حجر فرنسا المتمدنة ثم لا تنهض بجنب فرنسا تحت كنفها، يدها في يدها فتاة لها من الجمال والحيوية ما لكل فتاة انجبتها أو ربتها مثل تلك الأم؟ أخطأتم يا هؤلاء التقدير وأسأتم الظن بالمربي والمربى، وبعدتم عن العلم بسنن الكون في نهضات الأمم بعضها ببعض عند الاختلاط أو التجاور أو الترابط بشيء من روابط الاجتماع.
أنظروا شيئا إلى ما حواليكم من الأمم وتأملوا فيما تنادي به الشعوب وما تعلنه من مطالب، فإنكم إذا نظرتم وتأملتم حمدتم لهذه الجزائر الفتية نهضتها الهادئة، وتسمكها المتين بفرانسا، وارتباطها القوي بمبادئها وعدها نفسها جزءا منها وقصرها لطلبها منها على أن تعطى جميع حقوقها كما قامت بجميع واجباتها، وأن لا يتقدمها في أيام السلم من قد لا يساويها في أيام الحرب.