نوجه لهم أمثال هذا الكلام، فلنا من آدابنا الإسلامية، ولنا مع شهامتنا العربية ما يمنعنا عن الانغماس في مستنقهم النتن.
فدعهم هم والذين يملون عليهم تلك السخافات الرقيعة، يقفون أمام الرأي العام بهذه البلاد، ولننظر كيف يكون حكمه عليهم قاسيا أليما.
إننا أكدنا في (الكلمة الصريحة) رغبتنا في الاحتفاظ بكياننا العربي الإسلامي، فوق أرض هي أرض آبائنا وأجدادنا، مع أحترامنا التام للسلطة وخضوعنا لقوانين البلاد.
لكن خصومنا، كما قلنا آنفا، أرادوا أن يفهموا من كلامنا أننا نريد الاستقلال ورأوا أنهم يحرجوننا إذا وضعوا البحث على بساط الاستقلال. حتى إذا زل بنا القدم فوق هذا البساط الأملس استنزلوا علينا نقمة الحكومة وطلبوا أن نعامل معاملة الثائرين المهيجين، وأن نذهب (١) ضحية قوانين روني وما سبقها.
لكن خابت آمالهم، فنحن قوم لا نتأخر عن الخوض في مثل هذه الميادين، وأنهم لا يزعجوننا أن جرونا للبحث في مسألة الاستقلال.
إن الاستقلال حق طبيعي لكل أمة من أمم الدنيا. وقد استقلت أمم كانت دوننا في القوة والعلم والمنعة والحضارة، ولسنا من الذين يدعون علم الغيب مع الله ويقولون أن حالة الجزائر الحاضرة ستدوم إلى الأبد. فكما تقلبت الجزائر مع التاريخ فمن الممكن أنها تزداد تقلبا مع التاريخ. وليس من العسير بل إنه من الممكن أن يأتي يوم تبلغ فيه الجزائر درجة عالية من الرقي المادي والأدبي، وتتغير فيه السياسة الاستعمارية عامة والفرنسية خاصة، وتسلك فرنسا مع الجزائر مسلك