وقد صرح نواب فرانسوي الجزائر الراديكاليين في المؤتمر الراديكالي المنعقد أخيرا بأنهم ما قطعوا البحر الأبيض المتوسط لحضور المؤتمر إلا تحت رحمة الغواصات والطيارات وأنهم وجلون هلعون من مستقبل اتصال شمال إفريقيا بفرنسا وخائفون أشد الخوف من انفصاله عنها.
وقد ابتدأ هذا الانفصال بانقطاع البريد الجوي بينهما.
هذا كله بعد ما أنفقت فرانسا وانكلترا- سيدة البحار! - على حماية طرق المواصلات، وجمعتا مجلسا حربياً لذلك، وإشرتا تلك الحماية بالفعل، وخابتا فيها خيبة ظاهرة لا تخفى على أحد. فقد غرقت بعد تلك الحماية بواخر وانتقلت قرصنة المدنية الأوروبية من البحر إلى الجو وجمعت على البشرية البلاء من السماء والأرض: وكان في القرصنة الجوية الجديدة الجواب الخشن والتحذير الحازم من جبروت الفاشيزم إلى الدولتين الديموقراطيتين المتعاونتين.
حقيقة أن هذا شيء اضطربت له فرائص فرانسا على اختلاف أحزابها وحسبت له ألف حساب. خصوصا وكل أحد يعلم أن الحرب آتية من دون ريب وأن ميدانها هو البحر الأبيض المتوسط وأن أول ما يعمله أعداء فرانسا هو فصل الشمال الافريقي عنها.
والذين يعرفون مقدار ما انتفعت به فرانسا من الشمال الافريقي في الحرب الماضية، يعلمون ما يلحقها من أضرار بانفصاله عنها في الحرب الآتية.
كيف تقاوم فرنسا محاولة العدو للفصل؟ وكيف تستطيع المحافظة على الجزائر- وعلى الشمال الافريقي- إذا تم ذلك الفصل!
أما فرانسويو الاستعمار بالجزائر والذين يستخدمون فرانسا لتفوقهم ودوام عتوهم وتسلطهم، ولا تهمهم فرنسا بقدر ما تهمهم مصالحهم،