٤) قضى الأمير شكيب أيام غربته في سويسرا محاربا للاستعمار كله في خطبه وكتبه ومقالاته الكثيرة جدا في صحف الشرق والغرب بالعربية والفرنسية وفي مجلته "لا ناسيون آراب" المشهورة في أنحاء المعمور وهو في ذلك كله يغضب المستعمرين ويكربهم ويحز في حلاقمهم هذا وهو طريدهم وبلده في استعبادهم فكيف صار اليوم وقد شاب فوداه وتحررت- إلى حد- بلاده ورجع كما رجع سائر المبعدين إليها يطلب رضا المستعمرين؟ هذا نظن أنه غير معقول.
٥) من هم هؤلاء الكثيرون من دعاة الإسلام الذين كانت إفريقيا تدر عليهم لبنا خالصاً؟ أجمال الدين؟ أم محمد عبده؟ أم رشيد رضا؟ أم شكيب أرسلان؟ فإن كان هو شكيب كما قد يزعم الباشا فهو واحد فأين الكثير. إن مثل هذه الكلمة الغالية المتجاوزة تدلنا على أن سعادة الباشا لم يكن يضبط ما يقول.
٦) لقد كان شكيب منقطعًا لنصرة المسلمين المستعبدين أينما كانوا كما تشهد بذلك آثاره التي ذكرنا والمسلمون المسعبدون أذلة لمستعبديهم فقيرهم قعد به العجز وغنيهم غل يديه البخل وهم- إلا قليلا- قد فرطوا في واجبهم نحو مشارعهم التي بين أيديهم وأمام أعينهم فضلا عما هو بعيد عنهم كمجلة شكيب الوحيدة في بابها! فمتى كان المسلمون الذين دافع عنهم شكيب طول أيام غربته أعزة كرماء؟ حتى يزعم الباشا أن شكيبا دافع عنهم أيام عزهم وكرمهم يعني وتبرأ منهم اليوم يوم ذلهم وفقرهم. كلا الأمرين بالعكس يا صاحب السعادة فإن المسلمين كانوا أذلة واليوم تنسموا شيئا من العز وكانوا أشحة واليوم نشطت فيهم روح البذل. فما خدمهم شكيب- إذا أنصفنا- إلا أيام ذلهم وشحهم.
٧) من المعلوم أن من الواجب في المذهب الإباضي البراءة من المخالفين كما قال صاحب (النيل) في باب فرز دين الله "ويصل لفرزه