أثناء الأسبوع السالف، عزم رئيس الحكومة فجأة على استدعاء اللجنة العليا للبحر المتوسط، ذلك أنه في أيام قليلة، تغير الطقس السياسي في الكثير من الجهات الجزائرية، كأنما ذلك الأمر وقع بناء على أمر ورد من الخارج.
فالمهيجون الذين نعرفهم من زمن بعيد، والذين كنا نعتقد أنهم أخلدوا لجانب الهدوء أثر الإنذارات التي تلقوها من مسيو ريني أثناء سياحته بقطر الجزائر سنة ١٩٣٥م قد عاد إليهم الإقدام، ولعلهم يهيئون الجماعات الأهلية للقيام بنفرة رهيبة كالتي لا تزال آثارها عالقة بأذهان سكان قسنطينة.
فالدكتور ابن جلول مؤسس ورئيس جمعية النواب المسلمين والنائب في المجلس المالي والعمالي ونائب شيخ مدينة قسنطينة، يتهم الإدارة علنا في جريدته (الانطانط) بأنها تريد أن تلقي بالجزائر في ميدان النيران والدماء.
ويتبعه في هذا الطريق السيدان ابن باديس والطيب العقبي، وهما على رأس العلماء، قد جمعا في نادي الترقي كل الذين يعملون على تحطيم النفوذ الفرنسمي، باستعمال الوسائل المختلفة وبمثابرة ودقة عنصرية.
وفي كل جهة نجد دعاة ناشطين للمذهب الوهابي الجديد، وهم أعوان الجامعة العربية الذين يدينون بفكرة شكيب أرسلان، يرسلها إليهم من لوزان على طريق القاهرة، وطريقة عملهم غير متوحدة كما أن مطالبهم مختلفة: حرية الوعظ في المساجد والتعليم الحر بدون مراقبة.
فهنا يقع حث الفلاحين على عدم دفع الضرائب وهم يقبلون، وهنالك تجمع الإعانات لشراء الديار التي ستكون تحت ستار المعاهد الدينية، مراكز لتعليم وتثقيف الناشئة الإصلاحية المتعصبة، وفي جهة أخرى يقع استثمار موت الأمير خالد حفيد عبد القادر، وقد توفي أخيرا بدمشق، ويقومون بدعوة لإقامة الصلوات العامة عليه.