للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له منها وما يسَّر له من أسباب الإنتفاع بها، بما يوجب الإيمان بوحدانيته في ربوبيته، فلا خالق ولا مدبِّر ولا مصرِّف ولا آمر ولا حاكم ولا منعم على الحقيقة سواه، وبوحدانيته في ألوهيته فلا يستحق العبادة سواه.

وهذا الضرب هو أعظم الأذكار وأجلها وأفضلها، وبه يتوصل إليها ويستحق الثواب عليها، إذ هو أساسها الذي تبنى عليه. فالأعمال مبنية على العقائد، والعقائد لا تثبت إلا بهذا التفكر، وبه تنجلي في العقول، وترسخ في النفوس، وتحصل للناظر طمأنينة اليقين. قال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (١)} وهذا هو الذكر الذي يحصل به الإطمئنان. وهو المراد في قوله: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ (٢)}. قال جماعة من السلف: ذكر الله في الصلاة أكبر من الصلاة، وهو المراد أيضاً في حديث أبي الدرداء موقوفاً في الموطأ ومرفوعاً في غيره: " ألا أخبركم بخير أعمالكم وأرفعها في درجاتكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من إعطاء الذهب وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم. قالوا: بلى. قال: "ذكر الله" وفي الحديث معاذ كذلك: "ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله" وهذا كله لأنه هو أساس جميع الأعمال كما قدمنا، فإذا حصل ودام وجهه حصلت كلها ودامت على وجوهها.

الثاني: العقد الجازم بعقائد الإسلام في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله، عقداً عن فهم صحيح وإدراك راسخ تتحلَّى به النفس بمقتضيات تلك العقائد وتتذوق حلاوتها وتتكون


(١) ٢٣/ ٣٠ الرعد.
(٢) ٤٥/ ٢٩ العنكبوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>