بظله. فما أحق أبناء هذا الدين، ووراث رجاله الأكرمين، أن يكونوا أعرف الناس بقدر هذه الحياة وهذه الحرية، وأكثر الناس احتراما لهما وأشدهم رعاية لحقوقهما وواجباتهما لا لأنفسهم فقط بل للبشربة جمعاء ...
الحياة حياتان حياة الروح وحياة البدن والحرية كذلك. وحياة الروح وحريتها هما أصل حياة البدن وحريته، وشرائع الإسلام كل منتظمة لذلك كله. ومما شرعه الله لتحصيل حرية الروح صوم هذا الشهر المبارك شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن. يترك فيه المؤمن طعامه وشرابه وشهوات بدنه ويقبل على التهليل والتحميد والتسبيح فيحرر روحه من سلطة الشهوة وسلطان المادة ويسمو بنا إلى عالم علوي ملكي من الطهر والكمال، ثم إقبل على تلاوة القرآن- بتدبر- فينير قلبه وروحه ويحرر عقله من ربقة الجهل وقيود الأوهام والخرافات، فما يأتي عليه الشهر إلا وقد ذاق طعم الحرية الروحية العقلية وخرج بحيوية قوية وحرية نيرة. فحق عليه أن يحمد الله على نعمته ويظهر آثار تلك النعمة عليه ويفرح بفضل الله ورحمته. وذلك كله باحتفاله بهذا العيد الفطر بما يقوم به في يومه من صلاة وصدقة وصلة رحم وتسامح وتزاور وما يتجمل به من الزينة الحلال وما يأتيه من أسباب السرور واللهو البرىء ومظاهر البهجة بالحرية والحياة.
فهذا العيد- إخواني المسلمين- عيد حريتنا: حرية أرواحنا وعقولنا، وإذا حررنا أرواحنا وعقولنا فقد حررنا كل شيء. فالحمد لله على هذه النعمة ولنحافظ عليها ولنعمل على تكميلها والازدياد منها ذاكرين قول الله:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.
نسأل الله لإخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في هذا